• مرحبا ٬ في حال تعتذر تسجيل الدخول ، يرجى عمل استرجاع كلمه المرور هنا

حتا.. حكاية ترويض «جبال النار»

✿βạņ๑๑ŧạ✿

๑ . . عضو ماسي . . ๑
التسجيل
5 يونيو 2012
رقم العضوية
14523
المشاركات
1,096
مستوى التفاعل
54
العمر
36
الجنس
الإقامة
DXB
حتا.. حكاية ترويض «جبال النار»
منطقة غنية بالوديان والخضرة تربط دبي بعُمان


762506386.jpg


تشتهر حتا في دبي، بخضرتها ومياهها وكرم أهلها، مثلما تعرف بحصونها وأبراجها، و" وسيبها" التي تمثل نقاط مراقبة غائرة في رؤوس قمم التلال الصخرية، أنشأها سكانها، منذ القدم، لأغراض دفاعية صرفة.. كلها صروح يمكن من خلال كثرة أعدادها وانتشارها على عدد لا يحصى من التلال الحادة، داكنة اللون المنتصبة داخل المدينة الصغيرة وفي محيطها، قراءة ملامح ماض يشي بأهمية هذه المنطقة وحيوتها.



يطلق الملمح العسكري الدفاعي، الذي توحي به أبراج وحصون حتا، العنان للخيال ويدفعه إلى أن ينفلت من عقاله، ومن ثم تصور أن حتا كانت محط أطماع الغزاة أو ممرا استراتيجيا للقوافل العابرة لتلك الجبال الصخرية، التي يطلق عليها الحاج عبد الله خلفان البدواويِ( أبو سيف)، احد أعيان حتا، مسمى: " الجبال الحارة" ، إذ كانت تسمى الحجرين، لأنها تقع بين جبلين.

الحاج (أبو سيف) وهو من قبيلة البدواوي، التي ينتمي اليها سكان حتا بغالبيتهم، ويتفرع عنها العديد من الأفخاذ، استضافنا في جولة، عبر تلك التلال الجرداء الشاهقة التي توحي بتناقض واضح للعيان.. تناقض يجمع بين دفتيه، قسوة المكان وظروف العيش فيه، وطبيعة أهل حتا في التسامح والهدوء والطيبة وحسن المعشر والكرم.

فما أن علم الشيخ الجليل بنيتنا إنجاز موضوع صحافي عن مدينته الصغيرة، حتى سارع إلى التبرع بمرافقتنا في جولة هو نفسه، المرشد فيها، وكذلك سائق السيارة، رباعية الدفع، التي تنقلنا فيها. لنستكشف حكايات «جبال النار»، كما سماها.


1564405800.jpg


رحلة ومحطات

أقلتنا سيارة الحاج عبد الله خلفان البدواويِ( أبو سيف)، إلى مختلف مناطق حتا، من وسط المدينة، وإلى أعلى منطقة في تلالها يمكن الوصول إليها، حيث يمتد سد هائل للمياه التي يصعب تصديق أنها تتجمع هناك في أعالي الجبال، قبل أن تنحدر في قنوات ري حديثة لتسقي واحات ومزارع أهالي حتا الذين يعتزون بمنتجاتهم الزراعية، وتقوم على ثلاثة أنواع رئيسية من الأشجار: النخيل والليمون أو " اللومي" والمانغا، فضلا عن الهمبا والرمان، والعديد من أنواع الخضار التي يطلقون عليها، الزراعات الموسمية، وتشمل طائفة منها، الكثير من انواع الحبوب، من شعير وقمح وذرة.



القوافل القديمة

في طريقها من عُمان إلى حتا، وبالعكس، كانت قوافل الجمال، تعبر وديان حتا، كلما ارتحلت بين اثنين من أهم أقطاب المنطقة تجاريا، عُمان ودبي، وتحط رحالها في حتا، لأخذ قسط من الراحة والتزود بالماء والغذاء في منطقة يعود تاريخها إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ونظرا إلى وجود عيون المياه العذبة والأراضي الخصبة، فقد استقر السكان في هذه المنطقة منذ قديم الزمان واشتغل أهلها بالزراعة.

كما تؤكد الباحثة فاطمة عبد الله سهيل البدواوي، رئيس مكتب التخطيط والتطوير بإدارة المعرفة في بلدية دبي، في كتاب صدر تحت عنوان" حتا الأصالة والتجديد"، يتناول تاريخ منطقة حتا، موضحة فيه أنه تم اكتشاف مدافن يعـــود تاريخها إلى الألــف الثالث قبل الميلاد.



أهازيج ورقصات

يحتفي سكان حتا بكل المناسبات الوطنية، وعلى رأسها، قيام الاتحاد بين إمارات الدولة، مثلما يحتفون بالزواج ويقيمون له الأعراس، ويعقدون الولائم وينصبون الخيم كلما زفت عروس إلى عريسها، وذلك في موكب مهيب، إما تقوده النساء وحدهن، أو يكون الرجال في مقدمة الزفة والنساء خلفهم..

ويبدأ الزفاف من بيت أهل العروس، وصولا إلى بيت العريس. وتصدح فيه الأغاني والأهازيج، وتعقد الرقصات الفولكلورية المستمدة من التراث، وعلى رأسها رقصة " الحربية" التي يجيدها كل سكان حتا مع أن فرقا متخصصة بالتراث تتصدى لأدائها في المناسبات الخاصة والعامة، لكن أهل حتا، في المقابل.



الفنون الشعبية

كانت الفنون الشعبية لدى سكان حتا، أكثر تنوعا، في ما مضى، حالها في ذلك حال كل العادات والتقاليد في المجتمع، إذ كانوا يزاولون أربعة أنواع من الفنون، ولكل منها أهازيجها الخاصة، وهي : " المالد"،" الزار"،" الحربية"، " العيالة". وكان لكل منها، غرض معين، إذ كانت تقدم رقصات العيالة في الأفراح والمناسبات السعيدة.

بينما كان " الزار" طقسا من طقوس تحضير الجن والعفاريت. وأما المالد فكان مخصصا لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، وقد اختفى الزار والمالد من المشهد الاجتماعي في حتا، بينما كانت النساء ينفردن بأهزوجة خاصة بهن، يغنينها في الأعراس، وتسمى" الغنة". وهي عبارة عن حلقة تكوّنها النساء، ويرددن فيها مجموعة أهازيج تتغنى بالعريسين وأهلهما.



الأزياء

لا تختلف أزياء نساء حتا ورجالها عن بقية أزياء أهل الإمارات والخليج، لكن الرجال كانوا يستخدمون عوضا عن العقال، قطعة تلف على " الغترة"، تدعى " الخزام". ولكن في حالة، النساء حل النقاب محل البرقع الذي كان مستخدما في الماضي القريب، حيث كان يصبغ بألوان محددة يجلبها التجار من الهند. وهذا بينما حلت العباءة أو " الكندورة"، محل نوع آخر من العباءات الملونة التي كانت مستخدمة في الماضي.

ومن بينها " المجزع" الذي كانت النساء من العائلات الغنية، يستخدمنه، وكانت ألوانه فاتحة، مثل ألوان الربيع. ودرج على تلميعه دوما، وكأنه مصبوغ باللون الذهبي، كما يحكى أن النساء في حتا كن يحكن أثوابهن بأيديهن. وكانت كل واحدة، تملك كندورتين فقط، واحدة للحياة اليومية والأخرى للزيارات والأعياد والمناسبات، ولكن تلك التصاميم القديمة المشغولة باليد، بدأت تعود وتلقى استحسان النساء.



الشعر النبطي

للشعر والشعراء النبطيين حضور بارز في حاضر حتا وماضيها. ويجتمع فيها عادة، شعراء من أجيال متباينة، في وقت واحد، لا بل قد يجتمع الشاعر الأب مع الشاعر الابن، في فترة واحدة. ومن أسماء شعراء الرعيل الأول الذين غيبهم الموت: أحمد البدواوي( لقبه" كلفوت")، المطوع بن خلف البداواوي، خلفان بو هذيبة البدواوي، حمد بن عبد الله البدواوي.

وتبرز في قائمة الشعراء الطاعنين في السن، أسماء كثيرة، من بينها: راشد بن طارش الكعبي (لقبه" السويحي")، خلفان بن خصيص البدواوي، محمد خلفان المطويعي، خليفة عيد البدواوي. وأيضا تضم القائمة، اسماء عدد من الشعراء الأصغر سنا، مثل: خليفة عيد البدواوي، سعيد محمد المقبالي، محمد راشد نهيول البدواوي، محمد خلفان الشريف. ومن الشعراء الشباب: خلفان محمد العميري، بخيت محمد المقبالي، أحمد بن خلف البدواوي، عتيق محمد خلفان المطويعي، خلفان خصيف البدواوي.



الاعتماد على النخيل

كانت بيوت حتا تبنى من منتجات شجر النخيل، من جذوعها وحتى سعفها، وكانت تستخدم لبناء البيت بالكامل، من سقفه وحتى فرشه، حيث كان الناس يعتمدون على هذه الشجرة في صنع منازلهم. وأيضا في مأكلهم وإطعام حيواناتهم، أي أن النخلة كانت مصدرا للحياة، كما يقول أبو سيف.



معالم ومقومات

تنتشر الخضرة بكل مكان في حتا، وينساب الماء من ينابيعها وأفلاجها، التي كانت تبنى من الطين وأصبحت تبنى من الاسمنت حاليا، وكان أهل حتا يعتمدون على الزراعة في كل حياتهم، وكانت هي مصدر رزقهم، والمحرك الأساسي لاقتصاداتهم، وقد برعــوا في زراعتهم مثلما برعوا في تجارتهم.

حيث كانت تنشط التجارة بين حتا وجيرانها، وكانت تبيع التبغ (الغليون) والتمر الى البحرين ودبي، حيث كان المنتج الأساسي لحتا في الماضي، هو التبغ الذي كان يزرع بكثرة فيها، وعندما يقوم الأهالي بحصاده، كانوا يصدرونه الى الخارج، ومايزال بعض الأهالي يزرعونه حتى الآن، ولكن على نطاق محدود.



"الصيف"

يعد محصول الذرة من أهم المحاصيل الزراعية في حتا، وكانوا يطلقون على الذرة مسمى الصيف، لارتباطها بفصل الصيف. وأهل حتا يعتبرون فصل الصيف فترة سنوية مفعمة بالخيرات، إذ تتم فيها عمليات الزراعة والنضوج والحصاد. كما يعتمد سكان حتا على الزراعة و تربية المواشي، وعندما بدأت الامطار تقل، حيث يؤكد أبو سيف عدم انتظام هطول الامطار، اخيرا.

والتي تباعدت في فترات هطولها، انعكس ذلك سلبا على الزراعة، حتى تنبه إلى ذلك المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، فأمر بإعطاء السكان كل المنح والتسهيلات لإنماء الزراعة من جديد، وأسس البنية التحتية المتكاملة، وعلى رأسها السدود. كما قامت حكومة دبي ببناء العديد من السدود، وآخرها سد حتا الذي أنجز في شهر نوفمبر من العام 1998، بتكلفة 90 مليون درهم تقريبا.

ويسمى السد "الحتاوي الكبير". ويعد الشريان الرئيسي للمنطقة كلها، إذ يغذيها بالمياه على مدار العام. وفي حالة عدم سقوط المطر، تقوم الحكومة بإمداد المنطقة بالمياه، عبر الصهاريج، وذلك من جبل علي في دبي، بشكل يومي، يوميا، لتلبية جميع الاحتياجات.



"الحجرين"

تبلغ مساحة حتا 139.9 كيلو متر مربع، بينما يصل تعداد سكانها إلى 10 آلاف نسمة. وهي تشكل الحاضرة الجنوبية لإمارة دبي، وسميت حتا قديما ب"الحجرين"، نسبة إلى الجبلين الذين يحيطان بها من الشمال والجنوب، ويوجد على كل جبل برج دفاعي مشيد من الحجارة والطين، ليوفر الأمان والحماية لأهل المنطقة.

كما تحتضنها جبال حجر الشرقية، لتكسبها بيئة مختلفة ومناخا مغايرا لمثيلاتها في السهول والأراضي الساحلية. وأما سكانها فينتمون إلى عدة قبائل رئيسية، وهي البدواوي التي ينتمي إليها 60 % من سكان المنطقة، بينما تنقسم نسبة الـ 40% المتبقية إلى قبائل المقالبي والوشاحي والكعبي، ومجموعة عوائل صغيرة أخرى.





الأفلاج

كي يكتمل المشهد الجمالي لمدينة حتا، قامت هيئة كهرباء ومياه دبي، بتوصيل المياه إلى الأحواض التي تغذي الأفلاج القديمة في حتا، ليتم بعدها ري المزارع القديمة فيها، وذلك تنفيذاً لأوامر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

حيث يتم ضخ المياه إلى أحواض: الشريعة والحيل وجيما وليم وسهيلة، إذ تغذي هذه الأحواض، الأفلاج التي تروي بدورها المزارع القديمة، التي كانت تعتمد في الماضي على مياه الأفلاج في الري، بينما ينقل خط المياه الممتد من جبل علي إلى حتا، المياه الى خزان في حتا، سعته 5 ملايين غالون، مؤمنا بهذا احتياجات المزارع فيها للمياه. وكان ذلك كفيلا بجعل الفرحة تعم بين سكان المنطقة، ومن بينهم ابو سيف نفسه( مضيفنا ومرشدنا في رحلتنا بحتا)، والذي وصف المشروع التنموي، بأنه مشروع ممتاز للمنطقة، ويخدم مزارعي النخيل. كما أنه أحيا أرضاً ميتة، وأعطى الحياة لمزارع كانت مهددة بالجفاف.

وتعد جبال حتا، التي تمتد لمسافة 20 كم بين الجبال من منطقة (الهراوة) إلى منطقة (الفي) التابعة لسلطنة عُمان، موطنا لقطعان كبيرة من الحيوانات البريــة، كالوعل والغزال البري وماعـــز الجبل والظبـــاء، والتي يهتم سكان حتا بالمحافظة عليها، وتهتم السلطات أيضا بتوفير المحميات الطبيعية لها.

متحف حي

تشتهر حتا بمواقعها الأثرية وبقريتها التراثية، التي تشكل عامل جذب للزوار الراغبين في قضاء بعض الوقت في أحضان مفردات ماض عريق، من بيوت سعف وطين ووسائل شرب وطهو وحياة وأكلات شعبية ووسائل علاج قديمة، فهذه القرية أشبه بالمتحف الحي الجامع لمختلف مكونات ماضي حتا، المرصع بالعديد من القلاع والحصون التي لا تزال تقف شامخة على جبال حتا، وكأنها حارسها الأمين الساهر على سلامة أهلها، وعندما يتضافر هذا العامل التراثي والأثري، مع مناخ حتا المعتدل وطبيعتها الخلابة وعذوبة مياهها الجبلية ونظافة بيئتها وطيبة أهلها وكرمهم، فإن حتا تصبح وجهة سياحية بامتياز.



وادي القحفي

يعد وادي القحفي أهم موقع سياحي في حتا. وهو واد طويل ينبع من سلطنة عُمــان ويمـــر مخترقاً حتا في طريقه الى البحر، ويبلغ طوله أكثر من 155 كم. ويتميز بجريانه الدائم، صيفا وشتاء، وتحيط به جبال شاهقـــة تبدو جرداء من بعيد. ولكنها في الواقع، مليئـــة بالمزارع والواحات.

ويسود هذا الوادي أو منطقـــة حتـــا بشكل عــام، مناخ صحراوي يــكون شتويـــا بارداً كثيـــف الغيم في الشهــور الأولى من العام. ويــزداد معدل هطول الأمطـــار في هذه الفترة ايضاً. وأمــا في شهـــور الصيف، فيكون الجو حاراً قائظاً، وتهب فيه رياح الكوس والسموم. ولكن الجميل أن هنـــاك أمطــــاراً موسمية تهطل أيضا في فصل الصيـف، مما يبدد جزءاً كبيراً من حـرارة المكان.



مسجد الشريعة

مسجد الشريعة هو أقدم مسجد في حتا. وأطلق عليه هذا الاسم تيمنا باسم (الشريعة) التي تمثل بركة مياه، وهي تقع في حرم المسجد. والشريعــة عبـــارة عن مجرى أو تجمع للمياه، يروي مجموعة من المزارع المحيطة به. وهو الاسم ذاته، المستخدم في بلاد الشـــام، وقد تم ترميم هذا المسجد حديثا.
 
عودة
أعلى